أجرت جريدة “اليوم” السعودية حواراً مع السيد عباس الكعبي رئيس المنطمة الوطنية لتحرير الأحواز (حزم) قبل أكثر من شهر ولم تنشر الجريدة ذلك الحوار لأسباب غير معلومة للمنظمة، ورأت منظمة “حزم” نشر الحوار كاملاً كما أُرسل إلى الجريدة، إليكم الحوار.
كيف ترى العمل العسكري في الأحواز وهل هو يخدم قضيّة الأحوازيين؟
يمثّل العمل العسكري في الأحواز المقاومة المشروعة التي تستمد شرعيتها من عدم مشروعية الإحتلال الأجنبي الفارسي وتلك الحرب العدوانية المحرّمة قانونيّاً والتي شنّتها الدولة الفارسية ضد دولة الأحواز العربية عام 1925، فالإحتلال هو الفعل والمقاومة هي ردّة الفعل الطبيعية دفاعاً عن الوطن والشعب والحضارة والتاريخ والجغرافيا، وحين شعبنا العربي الأحوازي الإحتلال الأجنبي الفارسي، فهو يستند بذلك إلى القوانين والمواثيق الدولية التي تحرّم الحروب العدوانية وتكفل المقاومة بكافة أشكالها، وإذا كان الإحتلال والإبادة الجماعيّة والتطهير العربي والميز العنصري الذي تنتهجه الدولة الفارسية ضد شعبنا الأحوازي، يعد ذروة الإرهاب، فيحق لهذا الشعب التمسّك بمقاومته للإرهاب.
معروف أن معظم الشعوب في إيران تتحرك سلمياً في مظاهرات واحتجاجات ضد السلطة ونظامها والمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية الخ، ألا ترى أن الاستمرار في الضغط الشعبي وإسقاط النظام سيكون أفضل من العمل العسكري خاصة أنكم تواجهون دولة لديها جيوش جرارة وتستخدم القوة المفرطة في مواجهة العزل فما بالك بمواجهة مسلحين؟
للشعوب غير الفارسية المحتلة من قبل الدولة الفارسية، تجربة مريرة عام 1979 حين انتفضت هذه الشعوب وثارت بوجه النظام الملكي فأسقطته، وحين استولى الخميني على مقاليد الحكم في إيران، ارتكب سلسلة جرائم ومجازر قلّ نظيرها في التاريخ، فشنّ حرب إبادة ضد شعبنا الأحوازي وبقية الشعوب غير الفارسية وحتى المعارضة الفارسية فقتل منها مئات الآلاف. ومن يدعو إلى ترجيح إسقاط النظام الفارسي (الإيراني) على إنهاء الإحتلال الأجنبي الفارسي سواء على الأحواز أو على أقاليم الشعوب غير الفارسية المحتلة، ففي واقع الأمر يدعو إلى تكرار تلك التجربة المريرة، كوننا ندرك جيّداً أن ما تسمّى بالمعارضة الفارسية، لا تقلّ خطورة عن النظام الحاكم ولا تقل عنصرية وكراهية تجاه العرب والآخرين. أمّا الجيوش الجرّارة التي تتحدثون عنها، فهي تسير نحو التفكّك والإنشقاقات والإغتيالات والتصفيات، والسبب في ذلك يعود إلى زجّها في معارك غير مقتنعة بها أصلاً كالحرب في سوريا العراق واليمن ولبنان، إضافة إلى التدهور الإقتصاد الإيراني الذي يسير نحو الإنهيار، ممّا سيؤدّي إلى إنهيار النظام وكذلك الدولة برمّتها.
هل تنسقون مع قوى قومية أخرى في مناطق إيران من الفرس إلى الأكراد والأذريين والبلوش مثلاً خلال تحركاتكم الاحتجاجية أم أن لا تزال حركات الاحتجاج جزر متفرقة دون تنسيق ما يسهّل على الملالي قمعها والقضاء عليها؟
توجد علاقات طيّبة مع القوى الوطنيّة الممثلة للشعوب غير الفارسية المحتلة من قبل الدولة الفارسية، فالشعوب غير الفارسية تشترك في النضال ضد الدولة الفارسية في طهران، كما تشترك في الهدف بإضعافها وإطاحتها، وتشترك أيضاً في المصير المتمثّل في التحرير والإنعتاق من هيمنة هذه الدولة. أمّا الفرس، فلا علاقة لنا معهم أبداً، فهم لا يعترفون حتى بالحق في تقرير المصير للشعوب غير الفارسية، وذلك خلافاً للقانون الدولي وما تنصّ عليه المادتين الأولى والخامسة والخمسين من ميثاق الأمم المتحدة على ضرورة منح كافة شعوب العالم حقها في تقرير المصير دون إستثناء.
بالتأكيد وجع ومطالب الأحوازيين تختلف عن الآخرين لكن ألا ترى أن التحرر يكون على مراحل ويمكن الإستفادة من تحركات الشعوب الإيرانية لإسقاط النظام ومن ثم البحث عن حل لإستقلال الأحواز وعودتها إلى الحضن العربي؟
لا ريب أنّ محاولات حرف تطلّعات شعبنا من المطالبة بالتحرير والإستقلال إلى المطالبة بإسقاط نظام الدولة الغازية والمحتلة لدولة الأحواز، يعدّ تجاوزاً على إرادة شعبنا الأحوازي وتمسّكه بالتحرير منذ 94 عاماً، كما أنّ ذلك يعني تحويل هذا الشعب من شعباً مقاوماً للإحتلال إلى مجرّد شعب معارض للنظام الحاكم في الدولة المحتلّة، وبالتالي فإنه سيحرف بوصلة الحق وسيليّ عن القوانين الدوليّة، وسيضيّع قضيّتنا إلى الأبد.. لذلك فإنّ أمراً كهذا يعتبر من الخطوط الحمراء بالنسبة لشعب الأحواز وقواه الوطنية التحررية.
معروف أن القوى السياسية الأحوازية بينها تباينات كبيرة (نظرا لتبعية بعضها لدول معينة) وهذا ما أعاق تاريخيا توحدها ضمن جبهة موحدة وكذلك حركة نضالها ما هو حجم تمثيلكم الآن وهل وعت قيادات الأحواز السياسيّة إلى أهميّة التوحد من أجل الحصول على الحقوق؟
لا توجد تباينات كبيرة في التوجهات والآراء والأطروحات فيما بين القوى الوطنيّة الأحوازيّة، فتجتمع كلّها على الهدف الواحد وهو التحرير، وليس منّا من يكون تابعاً لدولة أخرى أومن يفرّط بإستقلالية القرار الوطني الأحوازي أو من يساوم عليه، فالمنظمة الوطنيّة لتحرير الأحواز (حزم) مثلاً تؤكّد في نظامها الأساسي على المنع القاطع للإرتباط بأية دولة أخرى سواء أكانت عربية أو غير عربيّة، بينما تفتح الباب لبناء العلاقات وفقاً للمصلحة الوطنيّة العليا. ومن وجهة نظرنا، أي حزب أو تنظيم وطني أحوازي يريد التحرير، فعليه أن يدرك بأنّ طريق التحرير يمرّ عبر الوحدة الوطنيّة وخلق جبهة وطنية عريضة تمثل شعبنا العربي الأحوازي شرعاً وقانوناً في كافة المحافل الدوليّة، ولهذه الأسباب قمنا بتأسيس منظمة حزم التي تعتبر نموذج للوحدة الإئتلافية فيما بين العديد من القوى الوطنية فرادى ومجموعات. ولا ريب أننا نعي جيّداً بأنّ الفرقة والشتات لا تصبّ في مصلحة قضيّتنا أبداً، إذ تتعدّد الأحزاب حين تتعدّد الآراء والنظريّات والأطروحات حول كيفيّة إدارة شؤون البلاد، وفي حال خضوع بلداً ما للإحتلال، فيفترض أن يتفق الجميع على الرأي الواحد وهو إدارة الصراع ضد العدو الأجنبي ودحر العدوان وطرد الغازي والتحرير والإستقلال. وفي حين تجتمع كل القوى الوطنيّة التحررية الأحوازيّة على الحق في تقرير المصير والتحرير وضرورة إعلان الدولة العربيّة الأحوازية الحرّة المستقلّة ووجوب مقاومة المحتل، إلّا أننا نلاحظ بأنها تختلف عن بعضها في التسميات فقط وليس في برامجها السياسيّة، ولا يمكننا أن ننكر الأسباب المؤديّة إلى هذه الحالة والكامنة في غياب الحاضنة العربيّة لقضيّتنا العادلة والمشروعة، وإنتشار المناضلين الأحوازيين في المهجر على مختلف البلدان والقارّات.
كيف تقيمون دور العرب خلال قرن من الاحتلال الفارسي لأرضكم وهل تجدون الآن دوراً عربياً بدعم قضيتكم وما دور الجامعة العربية، ألا تبحثون عن عضوية ولو بصفة مراقب في الجامعة العربية؟
الصمت العربي تجاه حرب الإبادة الجماعية والتهجير القسري والإفقار الإقتصادي والتمييز العنصري والقمع الإيراني المفرط لشعبنا العربي الأحوازي، إنّما يساهم في تكريس الإحتلال في واقع الأمر كما يجعل من الدولة الفارسية بأن تتمادى أكثر فأكثر في قمع شعبنا، وفي ذات الوقت فإنه يعد مخالفاً لما وقّعت عليه الدول العربية من إلتزامات دولية تفرض عليها تلبية مطالب شعبنا بحقه القانوني في تقرير المصير، وذلك ضمن نطاق ميثاق الأمم المتحدة. والمعروف أنّ الجهة الراعية لمنح الشعوب حقها في تقرير مصيرها هي الهيئة الأممية وليست الدولة الفارسية المعتدية على شعبنا، فنصرة قضيّتنا العادلة لا تعتبر تدخلاً في الشأن الداخلي الإيراني بأية حال من الأحوال، لأن مصير شعوب العالم ينبغي أن لا يخضع لأطماع التسلّط الأجنبي عليها، ونقولها للأمانة أنّ العراق ومصر فقط احتضنت قضيّتنا رسميّاً في فترة من الفترات، وغير ذلك فإن المواقف العربية تمثلّت في تخصيص حيّز صغير جداً لقضيّة الأحواز في وسائل إعلامها، ولكن هذا غير كاف أبداً. أمّا جامعة الدول العربيّة وبتجاهلها قضيّتنا العربية العادلة، فإنها تخالف ما ينصّ عليه ميثاقها وتأكيده على الدفاع العربي المشترك، وتوجهنا إليها مراراً وتكراراً عبر المراسلات والوساطات وطالبنا إمّا بالعضوية أو بعضو مراقب، إلّا أنّ عذرها أقبح من فعلها حين تدّعي بأنها جامعة الدول العربيّة وليست جامعة الشعوب العربية، ونعتقد بأنّ ميثاقها ومؤسساتها تحتاج إلى الكثير من الإصلاحات، فهي جامعة هزيلة وضعيفة.
هل تبحثون عن تحالفات أوسع وكيف ينظر الأوربيون إلى قضيتكم وكذلك أمريكا؟
الدول الدول الأروبيّة خصوصاً والغربيّة عموماً، تستقبل اللاجئين الأحوازيين الملاحقين والمطاردين من قبل سلطات الإحتلال الأجنبي الفارسي، كما أنّ العديد المنظمات غير الحكوميّة التي تأخذ من هذه الدول مقرّا لها، فهي تساند قضيّتنا بنسبة معيّنة، وبعض الدول الأروبيّة فتحت برلماناتها للأحوازيين لطرح قضيتهم، ولكننا لا ننسى أن الدول الأروبيّة فهي دول إستعماريّة بالأساس، وأن دولة الأحواز العربيّة، راحت ضحيّة مخططات هذه الدول كإتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور التي ناهضتها دولة الأحواز قبل الإحتلال، وهذه الدول هي من أوجدت ما تسمّ بالدولة الإيرانيّة القائمة على كيان باطل يقوم بدوره على إحتلال دول وأقاليم شعوب أخرى غير فارسيّة، ولا زالت الدول الغربيّة تتأرجح في مواقفها تجاه الدولة الفارسيّة، وحتى حين قررت الولايات المتحدة مؤخراً الإنسحاب من الإتفاق النووي وعودة العقوبات على الدولة الفارسيّة الإرهابيّة، فنلاحظ أن للدول الأروبيّة موقفاً مختلفاً عن الموقف الأمريكي، ويمكننا القول بأنّ موقفها المرن تجاه إيران، ساهم في تماديها وتطاولها على شعوب المنطقة وعبثها بأمن وإستقرار العديد من الدول العربيّة، كما يساهم ذلك في إطالة عمر النظام القمعي الفارسي.
معروف الآن أن من يكون لديه وسائل إعلام قوية يمكن أن يصل إلى أهدافه بشكل أسرع هل لديكم وسائل إعلامية خاصة بكم؟
في ظل الإحتلال الأجنبي وجفاء الأشقاء لقضيّتنا ولشعبنا، فتقتصر وسائل إعلامنا على المواقع الإلكترونيّة ووسائل التواصل الإجتماعي دون سواها للأسف الشديد.